مسلسل بالدم بين عين على الواقع وبين اتهام الكاتبة بالسرقة

مسلسل بالدم بين عين على الواقع وبين اتهام الكاتبة بالسرقة
مسلسل بالدم بين عين على الواقع وبين اتهام الكاتبة بالسرقة

 



مسلسل بالدم بين عين على الواقع وبين اتهام الكاتبة بالسرقة 

كتبت : الإعلامية بيان مقبل 

منذ سنوات طويلة ونحن نعلم بأن الدراما العربية والأعمال الفنية هي وسيلة لنقل الواقع المُعاش للمتلقي ، فيبدأ الكاتب والمؤلف مهمته في تشكيل هذا الواقع بتفاصيله وأركانه لينقلها لنا عبر شاشات التلفاز ، إما قصة واقعية ذات أحداث وتفاصيل تحاكي قضيةٍ ما عاشها أحد الأشخاص في هذا العالم ، وإما قصة حقيقية أيضاً ذات تفاصيل واقعية يضيف عليها الكاتب جزءًا بسيطاً من خياله ، وإما قضية اجتماعية يتناولها الكاتب بطريقته الخيالية الخاصة ، فخلال مسيرته الفنية يكتب أعمالاً درامية كثيرة من وحي المجتمع ، ويقوم بتجسيد الواقع ونقل صوته بأساليب وطرق فنية  تجعلها فناً متكاملاً ،  فيما يساهم أيضاً بتقديم قضايا عديدة تتناول  الصعوبات على المجتمع العربي ككل ، فوظيفة الدراما هي مساهمتها  بالتغيير الجذري في المجتمع بصورة أشمل . 

نوهت الكاتبة اللبنانية نادين جابر في المسلسل اللبناني بالدم ، إلى أهمية النص الدرامي الذي كتبته من وحي أحداث حقيقية ، وهي أحداث شابة لبنانية تدعى غريتا الزغبي التي اكتشفت بعد مرور أربعين عاماً أن العائلة التي كبرت وترعرعت في أحضانها ليست عائلتها البيولوجية وذلك من خلال فحصاً طبياً أجرته بالصدفة ، فكل ما قامت به الكاتبة هو تسليط الضوء على قصة واقعية مؤلمة وحساسة ، من الممكن أن تطابق واقعنا كما طابقت واقع الشابة غريتا الزغبي ، إذا أين السرقة ؟!! 

لو أردنا أن نتحدث عن سرقة الكاتب لفكرة ، نتحدث عنها بطريقة فنية فقط ، وأقصد بالطريقة الفنية هنا هي سرقة الفكرة من عملٍ فني تم عرضه من قبل ، سرقة أحداثه ، تفاصيله ، حبكته الدرامية ، حوار الشخصيات ، في هذه الحالة يُلام الكاتب بشكلٍ كبير لأنه الركيزة الأساسية لكل عملٍ فني ونستطيع اتهامه بالسرقة ، لكن أين السرقة في عرض قضية اجتماعية وتجربة انسانية تعرضت لها إحدى الشابات في لبنان ؟ بل على العكس تماماً عرض قضيتها وتجربتها جعلتنا نوقن بأن مجتمعنا يحمل قصصاً مأساوية جداً ، وأفراده أسرى وراء قضبان هذه القصص الصعبة التي أعتبر عرضها عبر الشاشات عظة وعبرة لنا كمتلقيين . 

نحن نؤمن أن المجتمع هو مصدر الدراما الأول ، كونها تستمد موضوعاتها من حكايات الناس وأفراحهم وأحلامهم وخيباتهم ، وأنها تلعب دوراً مهماً في حياة المجتمعات ، ونقل صورتها إلى الناس ، وتلعب دوراً محورياً في العديد من القضايا الاجتماعية والإنسانية، من خلال تقديم أعمال تترك آثارها عند المشاهد، وتكشف الوجه الآخر لظواهر مختلفة ، كما أن لدى الفنان نفسه الدور الفعال والمؤثر على مختلف العصور ، خصوصاً أن ما يقدمه يستعرض ظواهر موجودة في المجتمعات العربية ، ويسلط الضوء على السبل الواجب توافرها للوصول إلى حلول جذرية . 

وعلينا أن نعلم أن الكاتب يحرص  دائماً على كتابة وتقديم أعمال درامية تنال اهتمامات المشاهدين، وترتقي بمستوى المشاهد العربي ،  لأن الدراما من منظوره هي مرآة الواقع والمجتمع ، ويساهم من خلالها باتصالنا كمشاهدين بالقصص التي تعيشها مجتمعاتنا يومياً ، وهذا ما حدث أثناء مشاهدتنا مسلسل بالدم ، فقد ساهمت الكاتبة بمساعدتنا كمتلقيين بمعرفة قصة الشابة غريتا الزغبي ومعرفة الصعوبات التي واجهتها أثناء بحثها عن عائلتها البيولوجية .

في نهاية مقالتي أود أن أنوه بأن الدراما قادرة على تصوير القضايا بواقعية تجعلها ليست مجرد ترفيه ، بل وسيلة لتعميق الفهم والتعاطف مع مختلف التجارب الإنسانية مع استمرار تطور المجتمع ، و ستبقى الدراما عنصرًا أساسيًا في عكس الواقع وتجسيد القضايا التي تهم الجمهور ،  مما يعزز من مكانتها كفن يساهم في التغيير الاجتماعي والثقافي.

ومن هنا ، نتطلع إلى إلهام الدراما للأجيال القادمة ومساعدتهم على فهم أنفسهم ومجتمعاتهم بشكل أفضل ، حيث تظل الدراما مرآة تعكس التغيرات والتحولات في الحياة الحديثة .

تعليقات